نساء بلدة عربصاليم سبقن الدولة والجمعيات بحل أزمة النفايات

نساء بلدة عربصاليم سبقن الدولة والجمعيات بحل أزمة النفايات

نساء بلدة عربصاليم سبقن الدولة والجمعيات بحل أزمة النفايات

 

ثريا حسن

لم تبال بلدة عربصاليم الجنوبية في إقليم التفاح كثيراً بأزمة النفايات التي تؤرق المناطق اللبنانية وخاصة عاصمتها بيروت، إذ أنها سبقت الدولة وجميع الجمعيات الناشطة والمهتمة بالبيئة بمشروع فرز النفايات من المصدر منذ العام 1995، حيث كان مجلسها البلدي منحلاً آنذاك، فدفع مشهد النفايات المقزز على الطرقات نساء البلدة وعلى رأسهم الدكتورة زينب مقلد نور الدين إلى عقد لقاءات واتخاذ قرار إزالتها وتجميل البلدة والمحافظة على البيئة، وصولاً إلى تأسيس جمعية  "نداء الأرض"...

بعد أشهر قليلة من عمل مضني، أظهرت "التجربة بأن الفرز من المصدر هو الحل الأمثل لمشكلة النفايات"، فرؤية طرقات البلدة نظيفة وسط بيئة خضراء من دون وجود مكب أو مطمر أمر رائع، في ظل ما تشهده القرى والمدن اللبنانية الأخرى من مشاهد مقرفة، مما شجع أهالي عربصاليم على الاستمرار بهذا العمل الهادف لغاية اليوم...

سلط الضوء على تجربة البلدة في التخلص من مشكلة النفايات، ويتوقف عن دور "نساء بلدة عربصاليم" في خوض تجربتهن الرائدة للتخلص من النفايات المنزلية والحد من أخطارها من خلال مشروع فرزها وإعادة بيعها وتصريفها لعدد من المعامل اللبنانية المختلفة...

***

 

مشروع ونجاح

بدأ مشروع التخلص من نفايات عربصاليم بمجهود فردي من أبناء البلدة ومبادرة من نساءها، ولكنه سرعان ما عاد ونجح بمساعدةٍ من منظمة UNDP والسفارة الإيطالية في لبنان، وقد تمثّل باستصلاح قطعة أرضٍ قدمتها بلدية عربصاليم أنشأت عليها النسوة مشروعهن، الّذي تمنّين تعميمه في كافة المدن والبلدات والقرى اللبنانية بهدف الوصول إلى بيئة سليمة ونظيفة، وفي العام 1998 استطاعت السيدات بفضل جهودهن الحثيثة، من الحصول على "علم وخبر" لتجمعهن الذي أسمينه "جمعية نداء الأرض"، وقد حمل الرقم 123/ أ.د.

وبفخر واعتزاز بما قامت به قالت رئيسة الجمعية الدكتورة زينب مقلد نور الدين: "لقد جمعت السيدات في البلدة للتداول في كيفية معالجة مشكلة النفايات وكيف السبيل لإزالتها من البلدة لأنها كل يوم إضافي بالنفايات تكثر الأمراض، خاصة أنه هناك إهمال رسمي من الدولة، ووضعنا خطة عمل، وهي تقوم على التخلص من نفايات البلدة، في البداية كنا 13 إمرأة بدأنا بفكرة الفرز التي قررن اعتمادها من دون وجود أي مساعدة من أحد، ولم  يكن هناك جمعية بعد، كما هي الآن، لكنّ مساعدة البلدة وأهلها للحفاظ على البيئة، وكان الحافز والإرادة سبباً كافياً للعمل إضافة على توعية الأهالي وأهمية هذه الخطوة وكنا نقوم بزيارات منزلية وشرح عن كيفية الفرز من المنزل أولاً، وعندما تم تأسيس الجمعية، خصصت قاعة محاضرات، تستقبل عروضاً وشروحات حول أهمية فرز النفايات من المصدر".

وأضافت: "لم يكن الأمر سهلاً، وكان بمثابة تحد كبير، إذ قال لي الكثير من الأشخاص بأنّ هذا المشروع خيالي وغير قابل للتنفيذ، لكنّ إصراري جعل من الحلم حقيقة، فالمشروع أصبح واقعي لدرجة أنه بدأ يُنفذ ويفرض نفسه على الواقع والنتائج المستقبلية أظهرت ذلك ووجهنا مشكلة مع الناس لأنه لم تكن فكرة الفرز مروجة في مثل الآن ولا أنكر رفض البعض للفكرة، ظنّاً منهم بأنها ستأتي بعبء إضافي على السيدات هن بغنى عنه... لكن حاولنا قدر المستطاع الإقناع، وأهمية فائدة هذا العمل الذي كان له صدى ايجابي، فابتكرت السيدات، في أول الأمر، آلات متواضعة وكيفية جمع وفرز النفايات بسبب عدم وجود المستوعبات المخصصة لذلك في حينها، أما مشكلة مكان العمل، فحُلِّت عبر تبرّع بعض السكان بحدائق منازلهم "كما أنّ البحث عن معامل تستقبل هذه المواد وتعمل على إعادة تدويرها من أجل الاستعمال، تطلب جهداً كبيراً في ظل عدم اعتيادها على ما نقوم به".

النفايات ... مرود مالي

وشرحت مقلّد أسس العملية المتّبعة "بدأنا أولاً بفرز النفايات الصلبة من بلاستك ومعادن وزجاج، وقد عملنا منذ البداية على إشراك الأطفال والأولاد في هذه العملية مقابل إعطائهم مبالغ رمزية تشجيعاً لهم"، مشيرةً إلى "أننا وضعنا إدارة المدرسة الرسمية والهيئة التعليمية في أجواء تحركنا ولاقينا تجاوباً مشكوراً"، إضافة إلى "إشراك عناصر موقع الجيش اللبناني الذي كان موجوداً في مبنى المدرسة في ذلك الوقت، فضلاً عن معظم نساء عربصاليم اللواتي كنّ أكثر التصاقاً بالأشياء وأقدر على وضع كل منها على حدة، بحكم عملهنّ المنزلي".

وتابعت: "أن آلية العمل، التي تبدأ بوصول الشاحنات المحمّلة بالنفايات من مختلف أنحاء البلدة إلى المعمل وتكون النفايات شبه مفروزة بسبب وجود مستوعبات متعددة تجري فيها عملية الفرز الأولية، بعدها تفصل المواد عن بعضها، فيوضع البلاستيك والمعادن والزجاج في أماكن مخصصة لكل نوع، من أجل تجهيزها وإرسالها إلى مصانع لإعادة استعمالها فمعمل الفرز يتميز بوجود مكابس تساعد على توضيب الكرتون والقناني البلاستيكية، أما المعمل فهو مقسم بين المستودع، الذي توضع فيه النفايات المنقولة من المصدر لفرزها، وغرفة أخرى يتم وضع المواد فيها، مفروزة بحسب النوع حيث تقوم بلدية بجمع النفايات من مختلف أنحاء البلدة، ونحن بالجمعية نقوم بالفرز كما تقوم الجمعية بفرز نفايات المدارس، لهذا السبب لم تتأثر بلدة عربصاليم بالأزمة الراهنة، كما لم تتأثر في أي أزمة سابقة، كما دعمت بلدية عربصاليم عمل الجمعيات قدر المستطاع، وقدمت لفرز النفايات 150 مستوعباً".

وأوضحت "إذا أدركنا جيداً كيفية التعامل مع النفايات فهي تعطينا مبالغ طائلة، لأن طن الورق يبلغ سعره 80 ألف، والزجاج 75 ألف، قناني الماء 200 ألف، البلاستك 250 إلى 300 ألف، أما الكراسي والطاولات البلاستك 400 ألف، والمشكلة كان تصريف أنواع الزجاج الملون التي كان يشتريها سابقاً معمل "سوليفير" في الشويفات، كذلك معمل "ماليبان" في البقاع الذي دمر في حرب 2006 وأقفل أبوابه، بصفتهما المعملين الوحيدين لإعادة تصنيع الزجاج في لبنان، ومن جديد أرسلنا الزجاج الملونة إلى "معمل خليفة للزجاج" في الصرفند".

وأشارت مقلّد إلى "تقديم الحكومة الإيطالية في العام 2008 مساعدة قدرها 100 ألف دولار أميركي، بنينا بواسطتها مركزاً للجمعية و6 مستودعات لحفظ المواد المفروزة فيها، إضافة لمولد كهربائي ضخم لتشغيل معدات الكبس والفرز، وإجراء دورات لناشطات في الجمعية وتدريبهم على كيفية توضيب النفايات المفروزة، وسبق ذلك في العام 2000 تقديم السفارة الألمانية في لبنان مولداً كهربائياً لتشغيل آلة فرم البلاستك بقيمة 7 آلاف دولار أميركي".

 

 

 

 

 

 

الكلمات المخصصة لهذا المقال:
مجتمع

مقالات شبيهة

عرض جميع المقالات
بعد ديور: رزان جمّال سفيرة جمالية لعلامة Cartier

بعد ديور: رزان جمّال سفيرة جمالية لعلامة Cartier

أعلنت الممثلة اللبنانية، رزان جمّال، انها انضمّت لعائلة دار مجوهرات “كارتييه” لتصبح سفيرة لهذه الماركة…

كيف تنسقين البنطلون الواسع في الصيف لإطلالات مريحة وأنيقة؟

كيف تنسقين البنطلون الواسع في الصيف لإطلالات مريحة وأنيقة؟

باتت الراحة أولوية لدى كثير من النساء خاصة في فصل الصيف، لذا لم نستغرب تسابقهن…

"ديور" عرضت مجموعتها لخريف 2024 في نيويورك

عرضت دار “ديور” للأزياء الاثنين في نيويورك مجموعتها لخريف 2024 ضمّت تصاميم تعيد إلى الأذهان…