أين الجمعيات التي تنادي بحقوق الخدم في ظل العجز عن حماية العائلات؟!في لبنان

تنادي بعض الجمعيات بحقوق الخدم الأجانب في لبنان تحت شعار "لا للعنف..."، ولكن هل كل الخدم في لبنان معنّفون؟
بالتأكيد لا... فأقلية جداً الذين يتم تعنيفهم، ونحن ضد العنف والتعصّب، ومع المعاملة الحسنة للخدم داخل المنزل، وإعطائهم كل الحقوق...
في المقابل مَنْ يحمي ربّات العمل والأسرة من الخادمة التي تضرب الأولاد وتسرق وتهرب؟!...
للأسف لا أحد، خاصة إذا كانت تُعامَل معاملة جيّدة، وكأنّها من أهل المنزل!...
مَنْ يتحمّل مسؤولية هروب الخدم من منازل ربّات الأسر ومَنْ يحميهن؟!
كثيرة هي "المافيات" في لبنان التي تنتقل بين الأحياء بحثاً عن خادمة تعمل في البيوت، وتحرّضها على السرقة والهرب، كي تستفيد مادياً، وتكون حرّة..
فأين هو دور القوى الأمنية، وهي العين الساهرة على مصالح المواطنين؟!
للأسف هناك غض نظر عن الخدم في الشوارع، وأماكن سكنهم!!
وفي المحصّلة، يقوم اللبناني باستقدام الخدم كي يستريح من عمل المنزل، ويتفرّغ لأشغال أخرى، وبعد فترة يجد نفسه أمام معاناة مُضاعفة من الخدم أنفسهم والعمل معاً...
لذلك، من واجب الدولة، وخاصة وزارة العمل، تشديد القوانين على الخدم الأجانب، وتحديداً في حالات الهرب، لأنّه ليس مقبولاً ولا معقولاً أنْ يتحمّل رب العمل المعاناة، وفي النهاية عندما يتم توقيف الخادمة، الهاربة من منزل مخدومها منذ عدّة سنوات، أنْ يؤمِّن لها تذكرة السفر إلى بلادها...
نسلّط الضوء على واقع المعاملة السيئة التي يتصرّف بها كثير من الخدم، ويقف المرء عاجزاً عن فعل أي شيء لهم تحت شعار "لا للعنف" في لبنان...
***
استفزاز... وهروب
تتساءل ربّات البيوت: أين الجمعيات التي تنادي بحقوق الخدم كي تنصفنا؟، أما الدولة العاجزة عن حمايتنا فماذا نقول لها؟!
بهذه العبارات تحدّثت رباب، والغضب يسيطر عليها: "لقد مررتُ بظروف صعبة مع الخدم، وأنا لا أريد أنْ أظلم أحداً، وآخر خادمة كانت المعاناة بأنّها من الجنسية الإفريقية، لقد تحمّلتها كثيراً، ودائماً كنتُ أقول بأنّها غريبة عن البلد، لكن تصرّفاتها كانت تزعجني أنا وعائلتي، وفيما كنتُ أقوم بتقديم معاملاتي لتجديد الإقامة لها، كان إبني الصغير الذي يبلغ من العمر سبع سنوات يبكي ويقول لي: "خذيها إلى المكتب لا أريدها في المنزل، فقد ضربتني على وجهي"، فجنَّ جنوني وقمتُ بقطع تذكرة سفر لها إلى بلادها، وعندها اتصلت بأهلها تبلغهم بأنّها سوف تعود، فطلبوا منها البقاء في لبنان والهرب... وهكذا فعلت، فقامت باستفزازي في المنزل، وترعب الأولاد، وعندما وصلنا إلى المطار قالت لي: لا أريد أنْ أسافر".
تابعت: "لم أترك أحداً في المطار كي يساعدني من أجل سفرها، بعدما أعطيتها كل مستحقاتها، وكذلك مبلغاً إضافياً من المال كي تعود من حيث أتت، لأنّها أصبحت تشكّل خطراً على حياة عائلتي، الكل في المطار، يقول إذا لا تريد أنْ تسافر لا نقدر على أخذها بالقوّة، مع العلم بأنّ إقامتها كانت سننتهي بعد يومين.. القوى الأمنية عاجزة عن عمل أي شي، لا يوجد قرار، والأمن العام كذلك... غافلتني بحجّة أنّها تريد الذهاب إلى الحمام، وهربت منّي من داخل حرم المطار، فمَنْ يتحمّل المسؤولية، وأين هي الدولة ووزارة العمل والأمن العام؟".
معاناة... وسرقة
بين معاناة ومعاناة أخرى، قالت "أم أيمن": "لديَّ عائلة وكلهم شباب وفتاة متزوّجة، كانت لديَّ خادمة بنغلادشية علّمتها وأصبحنا نعاملها كأنّها من العائلة، وبدأتُ أفقد أغراضاً من الأولاد ليتبيّن أنّها كانت تسرق، في البداية كنتُ أقول لهم بأنّ ذلك غير معقول، وغير ممكن، وفي يوم كانت ابنتي عندي، واشتريتُ هاتفاً جديداً، وفي الصباح فُقِدَ الهاتف، وهي الوحيدة التي كانت موجودة، سألتها: هل رأيتيه؟، فنفت... فتركتها إلى أنْ دخلت المطبخ، فطلبت منّي الخادمة البنغلادشية أنْ تذهب كي تستحم وهربت من المنزل... سألنا المكتب عنها والجيران وكأنّها "ملح وذاب"، لم يرها أحد، هذه واحدة من آلاف المعاناة، إذ يوجد الآلاف من البنغلادشيين يهربون، والدولة تعلم أين هم ولا تحرّك ساكناً... نحن ندفع للمكتب وللدولة كي يأتي الخدم إلى لبنان، وهم في بلادهم يعلّمونهم السرقة والهرب، وأنْ يشتغلوا عدّة سنوات لحسابهم ويجمعوا الأموال، إلى أنْ يتم ترحيلهم، والأنكى من كل هذا، أنّه عند الترحيل، يتم الاتصال بالكفيل، على أنّه مفروض عليه أنْ يُؤمّن لهم تذكرة السفر، لأنّ عقد العمل يجبره على ذلك، أما أنْ تهرب وتحمّلنا الخسارة فلا أحد يعوّض علينا، فيما قانون العمل في كل بلدان العالم، يؤكد أنّه يتوجّب على الخادمة دفع ثمن التذكرة في حال رفضت العودة أو هربت، وليس الكفيل".
أما حكاية "كاتيا" فهي من نوع آخر، فقالت: "كانت لديَّ خادمة بنغلادشية، وفي أحد الأيام كانت تنتظر إبني الصغير لأنّ باص المدرسة لا يقدر على أنْ يصل قرب المنزل لضيق الطريق، وأنا أقوم بتجهيز الغذاء، قُرِعَ الباب، وإذا بسائق الباص يوصل إبني، فسألته، ألم ترَ البنغلادشية واقفة تنتظره، فقال: لا يوجد أحد! استغربتُ واتصلتُ بزوجي لأبلغه بالأمر، وسألنا عنها الجيران، فقالوا لنا: كانت كل يوم تقف مع شاب بنغلادشي، وعرفنا بأنّها هربت معه وأقامت علاقة معه، فتقدّمتُ ببلاغ بحقها وما زلت أنتظر الجواب".
"مافيات" وأمراض
أما "فادية"، وهي صاحبة مكتب خدم في جنوب لبنان، فقالت: "كل يوم نواجه مشكلة مع الخدم، وهي الهروب من منزل مخدومها، وهذه المشكلة لا حل لها، لأنّه للأسف هناك "مافيات" تعمل على ذلك، إضافة إلى الأمراض، فضلاً عن رفض العمل لأسباب نفسية: شعور بالغربة، شعور بالمسؤولية، عدم القدرة على الأعمال المنزلية والنية في تغيير المنزل".
وأضافت: "نحاول أنْ نعالج المشاكل قدر المستطاع، إنْ في حال المرض: حمل - سيدا (مرض معدي) وهو يظهر في الأشهر الأولى من وصول الخادمة، وفي حال المرض غير الظاهر بعد انقضاء الأشهر الثلاثة الأولى، لأنّ قانون وزارة العمل يلزم المكتب بتحمّل المسؤولية خلال الأشهر الثلاثة الأولى، حينها تترتّب على المكتب خسارة تأمين البديل إلى الكفيل و"تسفير" الخادمة".
وأوضحت أنّه "في حال رفضت الخادمة العمل بتاتاً، نقوم بالتسفير واستقدام خادمة بديلة، وفي حال رفضت العمل عند الكفيل، فهناك إمكانية لتغيير الكفيل، ولا توجد أي خسارة، وفي حال تسفير الخادمة من قِبل الكفيل ورفض الخادمة لهذا الموضوع، يحاول المكتب تأمين كفيل جديد، شرط أنْ يوافق الكفيل الأوّل، وفي حال أصر الكفيل على التسفير والخادمة رفضت، يتم تسليم الخادمة إلى المخفر، ثم تُحوَّل إلى المديرية العامة للأمن العام، من أجل إصدار قرار بترحيلها، مع تحميل الكفيل أعباء السفر".
وأشارت إلى أنّه "في حالات الهرب: إذا هربت الخادمة خلال الأشهر الثلاثة الأولى، يترتّب على المكتب إحضار خادمة بديلة للكفيل من دون تحميله أي كلفة إضافية، ولكن بعد انقضاء الأشهر الثلاثة يخسر الكفيل كل ما تكبّده على الخادمة، والمكتب لا يعوّض عليه شيئاً، كما يترتّب عليه - في حال وجدت العاملة - تسفيرها على حسابه الخاص، وهناك أسباب تجعل المكتب يتحمّل المسؤولية، ويتحمّل أعباء الخسارة في الأشهر الأولى، لأنّه ليس هناك قانون يحمي حقوق المكتب، كما يتحمّل الكفيل أعباء الخسارة، لأنّه ليس هناك قانون حقوق الكفيل، أما بالنسبة للمكتب الذي يتم إرسال الخادمة منه، فهو لا يتحمّل أي نوع من الخسارة، لأنّ الدولة لا تهتم إلا في التزام الكفيل بالتنفيذ".
بقلم: ثريا حسن زعيتر
مقالات شبيهة
عرض جميع المقالاتأطعمة تفقد جودتها في الثلاجة: احفظوها بالشكل الصحيح
هل تعلمون ان بعض الأطعمة يمكن ان تفقد جودتها في الثلاجة، اكتشفوا معنا اليوم من…
أفكار ملهمة لتصميم مطبخ كبير يجمع بين الأناقة والراحة
إذا كنتم تبحثون عن أفكار ملهمة لتصميم مطبخكم الكبير، ففي هذا المقال، سنعرض بعض النقاط…
كيف تؤثّر تربية الأطفال على الدماغ؟
تُعدّ الأبوة والأمومة من أكثر التجارب تعقيدا وتأثيرا، إذ تتطلب مستويات عالية من التفاعل الاجتماعي…