![]() |
استيعاب الجائحة يرسم مستقبل الاطفال - وفاء ناصر |
![]() |
ذاك الضّيف الخفيّ الذي حلّ ثقيلا منذ العام المنصرم على الجميع لا يقتصر أثره على حياتنا الآنية فحسب بل ينسحب على مستقبلنا. وإن كان المستوى العقلي للكبار قادرا على استيعاب المستجدات والتأقلم معها، يختلف الأمر عند الصغار والمراهقين ويضعهم في وجه التحديات سيّما أنّهم أكثر الفئات نشاطا وحيوية. منذ بداية انتشار الوباء كان التعليم الرقمي أو التعلم عن بعد أكبر مشاكلنا قياسا بالوسائل والتقنيات المتاحة والخطط التي انتُهجت لضمان اكتساب الأطفال ولو بعض الكفايات. وبما أن ظروف الأطفال تختلف من عائلة إلى أخرى حسب أساليب التربية التي تعتمد، المستوى الاقتصادي- الاجتماعي، المستوى الثقافي، مكان السكن، شخصية الطفل نفسه ومهاراته... نجد أن تأثير الحجر والإقفال يتفاوت من طفل إلى آخر على المستوى النفسي والجسدي والتفاعل الاجتماعي. مما لا شك فيه أن الأطفال، كل الأطفال دون استثناء، ملّوا من "عيشة كورونا" وبات حلمهم المشترك الالتقاء بأقرانهم واللعب معهم على سجيتهم. وكثيرة هي العبارات التي تلفّظوا ولا يزالون يتلفّظون بها. وإن اعتدنا على "زهقت من كورونا"، "بدي عيش عراحتي متل زمان"، تفاجئنا عبارات بريئة لكنها قاسية المضمون مثل "قلبي حزين عم يبكي"، " بدي موت ما قادر اتحمل"، "كورونا دمار"... وفي هذا الاطار، يرى الاختصاصي في علم نفس العمل محمد بدرا أن الأهل مسؤولون عما يتفوّه به أطفالهم. وشبّه الطفل بال"إناء" الذي يتلّقى كل المفاهيم والمصطلحات من مختلف المشاهدات والظروف ثم يعيد استخدامها كلما دعت الحاجة لذلك، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه ليس للأطفال أي مفهوم واضح وعلمي عما يتفوهون به، لكنهم يعبِّرون عنه انطلاقا مما "وضعه" فيهم الأهل، حتى ولو كنا نتحدث عن مفاهيم شائعة كالموت، القلق، أو الاكتئاب. وبما أن لهذه الفترة الزمنية تأثيرا مستقبليا على شخصية الأطفال، يرى أنه يقع على عاتق الأهل في ظل الاقفال والحجر المنزلي مسؤولية خلق عالم موازٍ للخارج يُتقن فيه الأب والأم كل أدوار الشخصيات التي كان يصادفها أبناؤهم وتقديم النموذج الحسن عن المجتمع كله. وعليهما إشاعة أجواء الإيجابية، التفاؤل، الفرح، التفاهم، الألفة، الحنان، الأمان، التآخي، المحبة... لأن الأسرة في هذه المرحلة هي كل العالم بنظر الطفل. أما عن أثر فترة الوباء الزمنية على مستقبل الاولاد، فيتحدث بدرا عن اتجاهين متعارضين ربطا بكيفية تعامل الاهل مع الواقع المستجد.
|