|
أبواب مغلقة، صرخات مكتومة… طفولة في خطر |
![]() |
كتبت ثريا حسن خلف كل باب مغلق، قد تختبئ مأساة لم تُروَ بعد. في لبنان، تتصدر أخبار العنف المنزلي والتحرّش المشهد اليومي، لتكشف هشاشة حماية الأطفال والنساء داخل البيوت، والخطر الذي قد يأتي من أقرب الأشخاص إليهم. ما كان يفترض أن يكون ملاذا آمنا، يتحول أحيانا إلى ساحة تهديد، حيث تسلب الطفولة، وتمحى الكرامة، وتصبح الصرخات مكتومة خلف الجدران.
في كل منطقة، تسجل بين الحين والآخر حوادث مروّعة تكشف حجم التحديات التي تواجه حماية الأطفال والنساء داخل الأسرة والمجتمع. آخر هذه الوقائع حدثت في صيدا - الفوار، حيث اضطرت فتاة قاصر إلى الفرار من منزلها واللجوء إلى خالتها، بعد أن تعرّضت للتحرّش والعنف الجسدي من والدها، فيما لم تتمكن والدتها من حمايتها خوفا منه. وقد تدخلت قوى الأمن الداخلي، بالتعاون مع مكتب حماية الأحداث في وزارة الشؤون الاجتماعية، للتحقيق مع الأب الذي اعترف بما نُسب إليه، وأُحيل إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وتعكس هذه الواقعة واقعا أليما، إذ تتحول البيوت، التي يفترض أن تكون ملاذا آمنا، إلى أماكن تهديد وخوف، تاركة الأطفال والنساء ضحايا بلا حماية فعلية. ومع تكرار هذه الحوادث، يتضح أن الصمت والتستر على الجرائم يفاقم حجمها، ويجعل من الإبلاغ أداة أساسية للوقاية والعدالة. ويشير الخبراء إلى أن العنف المنزلي والتحرّش له آثار نفسية واجتماعية طويلة الأمد على الضحايا، خصوصا الأطفال، قد تمتد إلى مراحل لاحقة من حياتهم، مؤثرة على صحتهم النفسية، وأدائهم الدراسي، وقدرتهم على الاندماج الاجتماعي. وبالرغم من وجود قوانين وآليات حماية رسمية، يبقى الإبلاغ عن الجرائم محدودًا بسبب الخوف من الانتقام، أو الوصمة الاجتماعية، أو ضعف الثقة بقدرة المؤسسات على توفير الحماية. إن التعامل مع هذه القضايا كمسائل "عائلية خاصة" هو أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم الظاهرة. فالعنف المنزلي والتحرّش جرائم مكتملة الأركان، ولا يمكن اعتبارها مجرد شؤون عائلية، بل قضية رأي عام تمس كرامة الإنسان وأمن المجتمع. ويتطلب التصدي لها تضافر جهود الدولة، والمجتمع المدني، والإعلام، لتوفير حماية فعّالة للضحايا، وتفعيل القوانين، وتعزيز الوعي المجتمعي بحقوق الأطفال والنساء.
مسؤولية الدولة فالسكوت لم يعد خيارا، والتبرير لم يعد مقبولًا |