جوسلين الأعور
عالم الموضة المحكوم بالتغيّرات، الذي يحكم بقسوة على أيّ تكرار يلحظه، ويسعى للتجديد على الدوام، هو في الواقع أسير مكان واحد: المنصّة! على تلك المنصّة تولد الصيحات، تعرض الأقمشة، تتجلّى القصات، وتخلق لوحة متكاملة لأزياء تختلف الآراء عليها، منها ما يحظى بالاستحسان، ومنها ما يقع في فخّ النقد السلبي.
إذا أردنا وضع عنوان لموضة شتاء 2016، ليس هناك أنسب من «التنوّع»، خصوصاً أنَّ عدد الصيحات كبير، وهي فضلاً عن ذلك، مختلفة بعضها عن بعض. ولعلّ هذا التوجّه العالمي من دور الأزياء وبيوت الموضة العالميّة، هو تأكيد على مجال لا يمكن أن نحدّه بقوانين، أو نجبره على السير في اتجاه أحاديّ.
نتج عن العروض العالميّة التي قُدّمت على منصّة موسم خريف وشتاء 2016، مجموعة متنوّعة من الصيحات، أبرزها الـ«مونوكروم»، أي صيحة اجتماع اللونين الأبيض والأسود، اللذين يتناقضان في التدرّج، ويتوحدان في التميّز. ظهرت هذه النقشات مع «فالنتينو»، «سان لوران»، و«إميليو بوتشي». من النقيضين إلى نقشات الحيوانات التي لا تغيب عن أيّ موسم موضة، والتي تحضر هذا الشتاء مع الفهد، الأقوى على المنصّات العالميّة مع باقة من تصاميم الأسماء العريقة على رأسها «لويس فيتون»، و«ماكس مارا».
للمعاطف حصّة الأسد في موسم كلّ شتاء، والعام 2016 تميّز بعدد وافر منها، ذات قصّات متباينة، فأتت المعاطف الواسعة والفضفاضة لتكون عنواناً جريئاً، وظهرت بألوانها الكلاسيكية الداكنة مع أسماء عالميّة مثل «نينا ريتشي»، وهي من الصيحات التي تليق حصراً بصاحبات الجسم الرشيق، إلى جانب المعاطف المبطّنة والضخمة التي تضمن الشعور بالدفء في الشتاء القارس التي تزيّن عروض عددٍ من أهمّ بيوت الموضة العالميّة، على رأسها «شانيل»، «موسكينو»، و«فندي».
وكأنّ السياسة تأبى الغياب، حتّى في الموضة، فتظهر صيحة الأزياء العسكريّة المعروفة أجنبياً بالـ Military مع «غوتشي» و«لانفان».
في المقابل، لفساتين الـJersey مكانتها هذا الشتاء، وهي المتسّمة بأناقة وبساطة لافتين، ومزيّنة عروض «سيلين»، و«كلوي»، و «ستيلّا ماكارتني».
الغرابة إلى الواجهة من جديد
تدّق الغرابة باب الشتاء هذا الموسم، مع الفرو الذي علا عدداً من المعاطف والتصاميم، الذي لم يظهر بصورته التقليدية، بل جاء أشبه إلى الريش، وهو المعروف بفرو القطب الشمالي. أمّا الفرو الأبيض الأشبه بالثلج، يعود صيحة دافئة ذات طابع رومنسي هذا الشتاء، مع معاطف «لويس فيتون»، «ستيلَّا ماكارتني»، و «جيامباتيستا فالي».
تتنوّع الأقمشة، فيحضر المخمل بأناقته المعهودة ذات الطابع الأنثوي الآسر مع الفساتين الضيّقة، التي تمنح صاحبتها إطلالة راقية وجذّابة. والمخمل ظهر هذا الموسم مع «رالف لورين»، «كلوي»، و «فالنتينو».
من التقليدي إلى العصري، فهذا الشتاء تعود مادة الفاينيل مع «ديور» لتقتحم من جديد عالم الأزياء، أي تلك التي تشبه الجلد اللّامع، والمصنّفة ضمن المواد غير المتوقّعة التي لم تستطع أنواع الأقمشة التقليدية من منعها عن طرق باب الموضة، ويُذكر أنّ هذه الملابس لاقت رواجاً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، واعتبرت من أنواع الأقمشة الخاصة بملابس روّاد الفضاء التي غزت الموضة بقوّة.
الأقمشة المقلّمة تكرّس جماهيريّتها هذا الموسم أيضاً مع «صونيا ريكيل»، و«إيزابيل ماران»، و«سان لوران»، وهي التي نادراً ما تغيب عن أيّ أسبوع موضة يرتبط بموسمَي الخريف والشتاء. وهناك ظهور لافت أيضاً للفساتين المؤلّفة من قطع أقمشة متباينة، وملتصقة بعضها ببعض، شبيهة بلعبة الـPuzzle، وهي من التصاميم التي توحي بالشعبيّة، وتفتقر نسبياً إلى الأناقة، وتواجه، في غالبيّة الأحيان، ردود أفعال رافضة لها.
من ناحية الألوان، وإلى جانب الداكن منها الذي نعتاد عليه في عروض هذا الموسم، تحضر موضة الألوان الفاتحة هذا الموسم، والتي يُطلق عليها اسم ألوان الـ «مارشميلو»، كالأزرق والوردي والأصفر، التي ظهرت في عروض كثيرة مثل «دولتشي أند غابانا»، «جورجيو أرماني»، و«برادا».
إلى جانب ذلك، تشهد موضة شتاء 2016 عودة لافتة لصيحات الثمانينيات مع القصات الغريبة، والتصاميم المكشوفة، والألوان الفاقعة والقويّة، وأبرز الدور التي أعادت إحياء صيحات تلك الحقبة، كانت «موسكينو».
وهذا الموسم الغني الذي شهد عناوين مختلفة، كرّس فرضيّة عدم غياب أيّ صيحة بشكل مطلق ونهائي، وسعي الدور العالمية للاستفادة من موضة الأمس، وتوظيفها بصورة عصرية في صيحات اليوم. |