جرائم ضد الإنسانية بامتياز..

جرائم ضد الإنسانية بامتياز..

مولودة في كيس القمامة مرمية مع النفايات، أب يُعنّف ابنته ويفضّ بكارتها بتعذيب وحشي، ويعرض ابنه لأبشع أساليب التنكيل والكيّ بالنار والحديد، وآخر يبيع «فلذة كبده» بحفنة من الدولارات، وثالث لا يتورع عن المتاجرة بأعراض زوجته وبناته مقابل المال الحرام.. إلى آخر السلسلة التي لا تنتهي، من الأعمال والممارسات التي لا تمت إلى الأخلاق والفضائل الدينية بصلة وحسب، بل تجسد أنواعاً مستجدّة من الجرائم، التي لم تعرفها مجتمعاتنا الشرقية المتدينة والمحافظة على مرّ التاريخ.

تكرار مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية، والتي تتنافى مع أبسط قواعد العدالة، وأكثرها تساهلاً، يفرض على القضاء والمرجعيات الأمنية إنزال أشد العقوبات الرادعة بحق المرتكبين المجرمين، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع أصحاب هذه الجرائم والمتواطئين معهم، من الهروب من ملاحقة العدالة، وعدم القبول بأي تدخل كائناً من كان صاحبه، لتخفيف العقوبات بحقهم.

قد تكون العشوائية التي تعاملت بها الدولة اللبنانية مع مشكلة النزوح السوري، أحد العوامل التي ساعدت على انتشار هذه الجرائم في مختلف المناطق اللبنانية، ولكن الخطورة أن هذه الارتكابات المشينة لم تعد قصراً على بيئة النازحين السوريين، بل وصلت، وبشكل مخز، إلى بيئات لبنانية تعتبر متدينة ومحافظة، وعلى أيدي مرتكبين يفترض بهم أن يكونوا قدوة بسلوكهم الإيماني والإنساني لأبناء مجتمعهم.

ولعل الجريمة العائلية التي كشفت بالأمس في حومين التحتا، وهوية الأب المجرم الذي ينتحل زورا لقب رجل دين، تكون عقوبتها عبرة لكل من تسول له نفسه الإقدام على مثل هذه التصرفات الوحشية، والتي شاركت فيها نساء من العائلة، كان من المفترض ان يكن هُن حماة الطفولة البريئة، من جنون وشواذات أب لم يعرف العاطفة الأبوية في حياته الغارقة في المجون والموبقات.

فهل نسمع صوت العدالة وأحكامها الرادعة سريعاً في هذه الجرائم ضد الإنسانية بامتياز، أم أن القضية ستضيع في المرافعات التضليلية المعهودة؟