![]() |
العاملات الأجنبيات يهجرن لبنان: هل بدأ عهد العاملات السوريات؟ |
![]() |
عزة الحاج حسن لم يستثن الدولار أي جانب من جوانب حياة اللبنانيين إلا وأدخل عليها تغيرات، غالباً ما تكون سلبية بتأثيرها على حياة المواطن اللبناني. وليس تفجّر أزمة العمالة الأجنبية إلا نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار القدرة الشرائية لليرة اللبنانية. فقد تراجع عدد العاملات والعمال الأجانب المتواجدين في لبنان بنسبة لا تقل عن 75 في المئة خلال عامي 2020 والفصل الأول من 2021، وغالبيتها من العمالة المنزلية. لا يمكن تجاوز هذه النسبة من دون الوقوف عند الآثار السلبية والعواقب الوخيمة التي تركتها مسألة هجرة العاملات المنزليات الأجنبيات من لبنان، في ظل غياب البدائل. العاملات في الخدمة المنزلية الأجنبيات كنّ يشكّلن متنفساً وداعماً لآلاف العائلات اللبنانية، لما تقدّمن من خدمات كرعاية المسنّين والأطفال وأعمال التنظيف المنزلية، في بلد يفتقر لوجود مؤسسات رعاية اجتماعية من جهة، وترتفع فيه تكاليف دور حضانة الأطفال ورعايتهم (قبل انهيار الليرة) لنحو 3 أضعاف راتب العاملة المنزلية الأجنبية من جهة أخرى. بمعنى أن متوسط راتب العاملة المنزلية يبلغ 200 دولار، في حين لا تقل رسوم دور الحضانة عن 450 دولاراً (وفق سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة). لذلك كانت تتجه العائلات اللبنانية متوسطة المداخيل إلى الاستعانة بعاملات أجنبيات، كون رواتبهن أقل تكلفة من أي بديل آخر. ومع انهيار الليرة تحوّل راتب العاملة الأجنبية من نسبة 30 في المئة من الحد الأدنى للأجور البالغ 675000 ليرة، أي 450 دولاراً سابقاً، إلى نحو ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور البالغ 675000 ليرة، أي قرابة 56 دولاراً حالياً. الأمر الذي جعل من الاستعانة بعاملة أجنبية أمراً بالغ الصعوبة، وشبه مستحيل بالنسبة إلى متوسطي المداخيل. وهو ما دفع بآلاف العائلات اللبنانية إلى الاستغناء عن العاملات الأجنبيات. لكن ما البدائل؟ هجرة العمالة من لبنان وهناك نحو 100 ألف إلى 150 ألف عامل يعملون بطريقة غير شرعية، غادر لبنان نحو نصفهم خلال العام 2020 نتيجة الأزمة. وبالتالي، انخفض عدد العمالة الأجنبية من نحو 400 ألف عامل إلى نحو 230 ألفاً. أما التراجع الكبير، حسب دراسة "الدولية للمعلومات"، فقد حصل في اليد العاملة المنزلية. أزمة العمالة المنزلية يتوقع شمس الدين أن يستمر نحو 70 ألفاً إلى 75 ألف عاملة منزلية بالعمل في لبنان، ويفنّدها في حديثه إلى "المدن" بثلاث فئات. الأولى، العاملات المنزليات الأجنبيات لدى العائلات الميسورة التي ستستمر بالاستعانة بها، ويقارب عددها 50 ألف عائلة. والفئة الثانية العائلات التي تعتمد على مداخيل وتحويلات من الخارج بالدولار، وتضطر للاستعانة بعاملة لرعاية مسن أو منزل أو غير ذلك. وعدد هؤلاء يقدر بين 20 و25 ألفاً. وبذلك من الممكن أن يبقى في البلد من العمالة المنزلية بين 70 و75 ألف عاملة بالحد الأدنى. هل من بدائل؟ كثيرة هي العائلات التي تتجه اليوم للاستعانة بعاملات منزليات من الجنسية السورية، إلا أن الاستعانة بهن تتم غالباً بشكل يومي أو على الساعة، وليس شهرياً أو سنوياً. إذ لا علاقة عقدية بين الطرفين. ووفق عدد من العائلات التي تواصلت معها "المدن" فإن تكلفة الاستعانة بعاملة منزلية سورية تتراوح بين 1200000 ليرة و1500000 ليرة شهرياً بالحد الأقصى، فتعرفة العمل بالساعة الواحدة تتراوح بين 10 آلاف ليرة و15000 ليرة، وفي حال عملها بين 5 ساعات و8 ساعات يومياً، على مدة 6 أيام بالأسبوع، يبقى الاستعانة بها أقل تكلفة من الاستعانة بعاملة أجنبية من جنسيات أخرى، تتقاضى راتباً بالدولار، بما تفوق تكلفة راتبها ومستحقاتها 200 دولار شهرياً، وتصل أحياناً إلى 350 دولاراً، إذا ما أضيفت إليها تكلفة بطاقة السفر والإقامة وإجازة العمل وغير ذلك. من هنا باتت العاملة المنزلية من الجنسية السورية المتنفّس الوحيد للعائلات اللبنانية، التي تواجه أزمة رعاية لأحد أفرادها أو حتى لتدبير منزل، في ظل ضيق الخيارات. ويبقى الأهم إيجاد إطار قانوني رسمي يرعى مصلحة الطرفين، لاسيما العاملات اللواتي يشكّلن الحلقة الأضعف.
|