من الهندسة إلى الفن والهجرة.. محمد جمال وداعاً!

عن عمر يناهز 89 عاماً، رحل الفنان اللبناني محمد جمال، بعد مسيرة فنية طويلة إمتدت على عشرات السنوات، ولم تنهِها سوى الحرب الأهلية التي دفعت بالفنان الكبير إلى الهجرة للولايات المتحدة الأميركية، حيث عمل في مجال التجارة وافتتح مطعماً، وتوقف عن الغناء والتلحين بعد مشوار طويل، علماً أنه كان قد تعلم هندسة الكهرباء في مدرسة الصنائع، ولكن حبه للفن جعله يترك الكهرباء ويتحول إلى مطرب..

من منا، لم يسمع “اه يا ام حمادة”، و”مزيكا يا مزيكا”، و”سيارته أكبر”، و”بدي شوفك كل يوم يا حبيبي”، و”عندي هالقلب”،”قسم شرقي”، “علالي”، “ما عندي مال أعطيكي”، “كنا أنا وإنت”، “إجا الصيف”، “لما ضحكتي ضحكتينا”… أغنيات كانت الأجمل في الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات، حيث كان محمد جمال يجسد مدرسة جديدة في الغناء واللحن، من خلال أغانيه الشعبية والعاطفية في نفس الوقت، وولدت نجوميته في زمن كان الفن في العالم يعج بالنجوم، ومع ذلك حافظ محمد جمال على حضوره بين الكبار.

ولد محمد جمال وترعرع في مدينة طرابلس اللبنانية، تلك المدينة التي شكلت بداية للكثير من النجوم إن في عالم الغناء أو التمثيل، ظهرت موهبته باكراً، كما أن سفره إلى القاهرة ساعده كثيراً، حيث قام بتمثيل العديد من الأفلام مع كبار نجوم مصر، من رشدي أباظة وتوفيق الدقن، إضافة إلى الشحرورة صباح.

تعرف على الفنانة طروب وشكل معها ثنائياً فنياً، ثم تم الإرتباط بينهما فيما بعد وبالتحديد عام 1964، وقدم معها العديد من أغنيات الـ “ديو”، ولحن لها عدة أغنيات أشهرها “يا صبابين الشاي”التي أداها العديد من المطربين فيما بعد، و”من فضلك يا ست البيت”، “قول كمان”، “يا ختي عليها”، وشارك بالعديد من الأفلام السينمائية، كما مثل بالعديد من المسلسلات في سوريا ومصر والأردن.

كان للحرب الأهلية التي إندلعت في لبنان تأثيراً كبيراً على محمد جمال، تماماً كما فعلت مع الكثيرين، وبسببها اضطر إلى مغادرة لبنان متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت بداية حياة جديدة.

لم يبتعد محمد جمال عن الفن في البداية، بل كان يحيي العديد من الحفلات في مطعمه الخاص في مدينة لوس انجلوس.

إلا أنه فيما بعد، إبتعد عن الحياة الفنية، وظل مقيماً في الولايات المتحدة، وباع مطعمه الخاص وإبتعد كلياً عن الفن حتى تاريخ وفاته.

لحن محمد جمال أجمل الأغاني للعديد من شعراء الأغنية، نذكر منهم شفيق المغربي، عبد الجليل وهبة، ميشال طعمة، ونذار الحر، وغنى من ألحانه صباح ونجاح سلام ووداد ومروان حسام الدين وغيرهم.

وشارك في العديد من الأفلام السينمائية اللبنانية السورية المشتركة نذكر منها، “نساء للشتاء” عام 1974، “شروال ومنيجوب” عام 1972، “غرام المهرج” عام1976، “مهمة رسمية” عام 1977.

وفي مساء يوم 25 أيار عام 2023 غاب محمد جمال، تاركاً تاريخاً من الفن الذي لن تمحيه السنوات.