الدورات والورش في لبنان: هل هي تنمية بشرية... أم وعود وهمية؟

خلال المشاركة في الدورات
ثريا حسن زعيتر
إذا قمت بالتفكير بشكل صحيح بإمكانك أنْ تصبح ناجحاً... حياتك بحاجة للتغيير... مفاتيح نجاحك في 15 دقيقة... تعرّف على نقاط ضعفك وتغلّب عليها... شعارات كبيرة وكثيرة تُطلِقها الأكاديميات التدريبية لتنمية المهارات البشرية لكسب الناس والمال وحتى الشهرة.
في مدينة صيدا - جنوب لبنان، اجتاحت ظاهرة التدريب والإعداد من خلال دورات ينظّمها المعنيون تتناول موضوع التنمية البشرية إنْ كان من خلال جمعيات محلية وتمويل من الخارج أو إستفادة مالية من هذه الدورات، والبعض يعتبرها تجارة مربحة، فهي تحمل عناوين مهمة والمضمون فارغ، وبعضها الآخر ناجح ويحتاج إليه «الكادر» التربوي والمدراء والعاملون في الجمعيات والطلاب...
بين الأمرين ثمّة متدرّبون يسعون إلى زيادة عدد الشهادات، وبعد انتهاء الدورة يضعونها على الرف كي يزيدوا من مضمون سيرتهم الذاتية، ويعترفون بأنّها لم تغيّر شيئاً من حياتهم أو سلوكهم أو تصرّفاتهم، بينما بعض المدرّبين يحاولون كسب ألقاب كبيرة عالمية ودولية...
شهادات على الرف
{ في مدينة صيدا والجوار نظمت دورات كثيرة تحت عناوين رائعة «الذاكرة الخارقة، ودبلوم في القيادة، القراءة السريعة، والبرمجة اللغوية العصبية، الدبلوم التربوي»، وغيرها من الدورات، التي منها مَنْ استفاد ومنها مَنْ وضع الشهادة على الرف... محمد خليفة واحد منهم، توقّف قليلاً وابتسم إبتسامة سخرية وقال: «لقد أصبحت حركة حياتي تقوم على متابعة دورات التنمية البشرية، وأتابع تسجيلات المدرّبين العرب في تطوير الذات، وأدفع مبالغ مالية مقابل الدورات وكنتُ أتابع الـ «يوتيوب» لأشهر المدرّبين في عالم التنمية البشرية، إذ كُنتُ مبهوراً بهذا العالم... حتى اعتقدتُ بأنّني سأصل إلى المريخ من خلال الدورات».
وأضاف: «قمتُ بتطبيق جميع التوصيات، ولم أفلح بأنْ أحقّق نجاحاً واحداً! لم أتقدًم خطوة واحدة كما يقولون، ولم أفلح في تغيير نفسي، كل هذه الدورات التي يعقدها المدرّبون لتطوير الذات تجارية، لا وجود لشيء اسمه تطوير الذات، ولا وجود لشيء اسمه البرمجة اللغوية كلها بيع كلام».
وتابع: «لقد اشتركتُ في الكثير من الدورات ودفعتُ مبالغ في كل دورة، وكلّها كانت كلاماً في كلام، لا شيء مفيد... كنتُ على أمل بأنْ أحقّق أشياء كثيرة من خلال الدورات، لكن الشيء الوحيد الذي حقّقته هو الشهادات التي وضعتها على الرف... أحياناً المدرّب يشرح عن «CD»، وكأنّه يريد أنْ يغيّر العالم، لكن الأمر أقل من ذلك بكثير، فهو عبارة عن تنمية قدرات ذاتية لمتابعة الحياة بشكل طموح أكثر، وإنّ قدرتي على تغيير العالم تبدأ من تغيّري لسلوكي الشخصي ولأفكاري».
دورات تجارية.. وللشهرة
{ ووقفت هبة الحاج حسين تهز برأسها، قائلة: «للأسف تكاثرت الدورات التعليمية في مدينة صيدا حتى أصبح الإنسان لا يقدر على أنْ يعدهم مع مغريات للنجاح في الحياة.. فأنا شاركت في أكثر من دورة، وبأكثر من ورشة عمل لزيادة معرفتي وخبراتي، ومن بين هذه الدورات، دورة في «الفوتوشوب»، الذي يُعتبر أكثر البرامج استخداماً حالياً من خلال الرسومات والتصميم وبفضل ما يحويه من إمكانات وأدوات، يغنيك عمّا هو سواه من برامج الرسوم الأخرى، حيث بلغت قيمة الدورة 50 ألف ليرة، ولكن للأسف هذه الدورة لم تكن كافية بسبب وقتها القصير جداً، ولا يوجد وقت للمراجعة أو للتطبيق، لأنّ هناك دورات أخرى وطلاب جدد في نفس المكان، فلم أكتسب سوى المعلومات الأساسية فقط، على الرغم من أنّ هذا البرنامج يوجد فيه الكثير الكثير من المعلومات، ودورة لتعليم استخدام الكومبيوتر، وهنا كان المعنى الحقيقي للاستغلال حيث بلغت تكلفت الدورة 350 دولاراً أميركياً في مهلة لا تتعدّى الشهر».
وأضافت: «شاركتُ أيضاً ضمن ورشة عمل عن «إدارة الوقت وكيفية تنظيمه» في إحدى الجمعيات، لكن الورشة لم تكن منظّمة، ولم تكن هناك طرق للتعليم كافية، مثل: توزيع أوراق فيها معلومات عن الورشة، وأيضاً المكان الضيق الذي لم يساعدنا على التركيز، ربما هي للتسلية فقط».
وختمت: «أصبحت الدورات والورش في أيامنا هذه لا تهتم بما يحتاج إليه الطالب، ربما هي تجارية لكسب المال من الطلاب أو من جمعيات تدعم هذه الأعمال، وهي أيضاً استغلال الطلاب عبر الشهرة الإعلامية لهذه الجمعية التي لم تكن معروفة».
طفرة ألقاب وألقاب
{ أمّا المدرّب والناشط الاجتماعي المهندس علاء مجذوب فقال: «بتنا نرى الكثير من إعلانات دورات التدريب في مجال التنمية البشرية، وهذا في أصله مطلوب بل ضروري، لكن على الرغم من الحماس الشديد الذي قد يتملّك المتدرّب قبل الدورة، إلا أنّه بعد أيام من انتهاء الدورة إذا سألنا بعض المتدرّبين عمّا إذا كانوا قد استفادوا من هذه الدورة أم لا، فيكون جوابهم للأسف «لم أستفد شيئاً سوى إنّني أضفت شهادة إلى سيرتي الذاتية»، ولهذا الجواب أسباب عديدة، ومنها قلّة عدد أيام التدريب، وعدم متابعة المتدرّبين بعد الدورة، نظراً لانخفاض تكاليف الدورة، ومشاركة بعض المتدرّبين في هذه الدورات فقط ركضاً وراء تكديس شهادات في السيرة الذاتية، وبالتالي لا يعيرون اهتماماً لمضمون الدورة.. أيضاً رفع سقف التوقّعات من الدورة لما يراه المتدرّبون من وعود في إعلانات بعض الدورات، ما يُصيب المتدرّب بالإحباط عند معرفة مضمون الدورة ومستواها ومستوى بعض المدرّبين».
وأضاف: «أما موضوع الشهادات، فهنا تكمن الأوهام عند بعض مراكز التدريب، فمنها الذي يقول بأنّه سيمنحك شهادة أميركية أو كندية أو بريطانية، بالإضافة إلى اعتمادات من مراكز عالمية التي في النهاية تكون فقط عبارة عن أسماء أو مراكز صغيرة، وليست أبداً بالضخامة والقوّة التي يعكسونها بعض المراكز (إلاّ مَنْ رحم ربّي)، لذلك على المتدرّب أنْ يتحرّى عن صحّة الشهادات ومراكز الاعتمادات قبل الدورة.. وإنّ سهولة إعداد ورشة تدريبية كان له دور أساسي في حدوث طفرة في هذه الدورات، وهذا جميل، لكن في بعض الأحيان سُمِحَ لغير أصحاب الاختصاص بالدخول إلى هذا المجال والتشويش على باقي المدرّبين من ذوي الخبرة المشهودة، وما هو مُضحِك الألقاب التي يطلقها بعض المدرّبين على أنفسهم مثل: المدرّب الدولي، المُحاضِر العالمي، عميد المدرّبين، أم المدرّبين العرب» وغيرها من الألقاب».
وختم مجذوب: «ما أتمناه على بعض المتدرّبين أنْ يجعلوا كسب الخبرة وتنمية قدراتهم أولوية لديهم، ولا أنْ يكون كل همّهم تجميع شهادات وتكديسها في ملفات سيرتهم الذاتية، ما يجعلهم عرضة للشهادات الزائفة؛ ورسالة أوجّهها إلى المدرّبين فرق كبير جداً بين أنْ تدرّب في ما تمتهن وبين أنْ تمتهن التدريب».
مقالات شبيهة
عرض جميع المقالاتانس وزينة محتوى وتاثير مع تفاعل جماهيري واسع !
بدأت رحلة هذا الثنائي الرائع عام ٢٠٢٢ في فترة كورونا حين قرروا خوض تجربة صناعة…
90 طائرة خاصة و30 قاربًا مائيًا».. تفاصيل «زفاف القرن» لثالث أغنى رجل في العالم
يستعد نجوم السينما والأعمال، لحضور حفل «زفاف القرن»، الذي يجمع مؤسس شركة أمازون، الملياردير الأميركي،…
مها الصّغير تتّهم طليقها أحمد السّقّا بالاعتداء عليها بالضرب… والنّيابة تتحرّك
لا تزال أصداء طلاق الممثّل المصريّ أحمد السّقّا والإعلاميّة مها الصّغير، تتصدّر العناوين، خصوصًا بعد…